آثار التضخم الاقتصادي
التضخم الاقتصادي (Economic Inflation) من المؤشرات الاقتصادية الهامة للدول، ومن القضايا التي تشغل بال الاقتصاديين فيها، كما أنّ أي ارتفاع لنسب التضخم يكون بمثابة إنذار بظهور مشكلة اقتصادية، والتي تتفاوت في حدتها من مشكلة يسهل معالجتها والسيطرة عليها، إلى مشكلة من الممكن أن تسبب بانهيار اقتصاد الدولة بأكمله، فالتضخم يشير إلى ارتفاع الأسعار تدريجيًّا أو تسارعيًّا، الأمر الذي يتجاوز فيه الحد المتعارف عليه، وهذا الارتفاع يلقي بكاهله على السلع والخدمات المعروضة في أي دولة، وبالتالي تأثر العديد من القطاعات الأخرى بهذه المشكلة.
فبعض المؤشرات الاقتصادية الأخرى ستتغير تبعًا للتغير الحاصل في نسبة التضخم المرتفعة، كإنقاض أسعار صرف عملة الدولة مقابل سلة العملات الأجنبية، وبالتالي التسبب في خسائر تحلق بالمنشآت الاقتصادية بغض النظر عن طبيعة نشاطاتها، الأمر الذي ينعكس حياة الأفراد والمستوى المعيشي له، فهو يقلل من قدرتهم الشرائية في ظل ثبات معدل الدخل، أي أن القيمة الحقيقية لدخولهم قد فقدت جزءًا من قيمتها، وكلما ازدادت نسبة التضخم كلما فقدت النقود المتداولة المزيد من قيمتها.
الآثار المترتبة على التضخم الاقتصادي
في نظرة عامة على التضخم، فإنه يعدّ من المؤشرات الاقتصادية الهامة، ولكن تعتمد قوة أثره على اقتصاد الدولة بحسب نسبته، فالتضخم عندما يكون في نسب منخفضة، فإن له بعض الفوائد؛ أهمها أنه يخفض من حدة الركود الاقتصادي في حال حدوثه، الأمر الذي يعطي مجالًا أكبر لسوق العمل في التأقلم مع الركود وتكون أضراره أقل على المجتمع، كما أن التضخم الخفيف يزيد من حركة الأموال الساكنة، وبالتالي يسمح بتنشيط الاستثمار وزيادة الحركة التجارية.
أما في حال كانت نسب التضخم مرتفعة تفوق الحد المقبول لها، فإن لها آثار، كالآتي:
– يلجأ البنك المركزي إلى رفع نسبة الفائدة على الأموال التي يقترضها المواطنون من البنوك التجارية نتيجة الارتفاع الكبير في نسبة التضخم، وذلك ليحدّ من إنفاقهم، ويشجعهم على الادخار، ويقلل من النقد المعروض في الأسواق، الأمر الذي يخفض من الطلب على السلع أو الخدمات، ولكن في نهاية الأمر سيضطر البائعون إلى خفض أسعارهم، وفي حال كانت نسبة التضخم أقل من المتوقع، فإن البنك المركزي يعمل العكس تمامًا.
– يؤثر ارتفاع نسبة التضخم إلى ظلم يجري على الطبقة العاملة في المجتمع أي العمال، إذ تنتهج بعض الشركات سياسة ربط الأجور بمستويات التضخم، ولكنها لا في حقيقة الأمر لا تقوم بذلك فعليًا، فالأسعار تزيد والأجور ثابتة أو ربما تقل بدعوى الركود الاقتصادي المحلي والإقليمي.
– يؤثر التضخم على البطالة في علاقة عكسية، فالذي يحصل أنه عند ارتفاع الطلب الكلي على المنتجات سيزيد حجم الإنتاج الذي يؤدي إلى رفع الأسعار(التضخم)، ولكن ذلك سيزيد من عمليات التشغيل والتوظيف، وبالتالي انخفاض نسب البطالة، والعكس صحيحًا، وبالتالي فإن الحكومات تقع ما بين حل مشكلة التضخم على حساب البطالة أو العكس.
أسباب التضخم الاقتصادي
– ارتباط قيمة سلعة أو خدمة بقيمة عملة محددة
وهو ما يُسمى في الاقتصاد بالقيمة المرجعية المالية، كارتباط أسعار النفط في العالم بالدولار الأمريكي، وبالتالي فإن زيادة سعر النفط أو انخفاضه سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه، وهذا ما نشاهده يوميًا على شاشات أسعار العملات والسلع المتداولة عالميًا، فالعلاقة عكسية بين سعر الدولار وسعر النفط.
– ارتباط قيمة عملة بقيمة عملة أخرى
أي أنّ لها قيمة مرجعية، كتبعية قيمة العملات في الكثير من دول العالم، لا سيما الدول النامية أو ما يُسمى بدول العالم الثالث، بالدولار الأمريكي، فإن أي انخفاض في قيمة العملة المرجعية سيؤدي إلى انخفاض قيمة العملة للدولة، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات فيها.
– إغراق الأسواق في الدول بالأوراق النقدية المتداولة
أي زيادة في التدفقات النقدية، وهذا أمر تقوم به الدول كأداة من أدوات السياسة النقدية، ولكن ستكون نتائجه سلبية إذا ما توافق مع القيمة المرجعية لها، الأمر الذي سيُقلل من قيمتها وبالتالي الارتفاع في الأسعار.
– ازدياد الطلب على سلعة أو خدمة ما
إذ يتزامن هذا الازدياد مع قلة في المعروض منها، الأمر الذي يرفع سعر هذه السلعة أو الخدمة، ولا خيار أمام المستهلك إلا أن يقبل بشراءها للحاجة الشديدة لها أحيانًا، كما أن زيادة الطلب قد تعود لأسباب أخرى، أهمها: ثقة المستهلك بنمو اقتصادي، ولكنه يكون أقل من المتوقع، وأحيانًا بسبب انخفاض سعر صرف العملة للدولة، التي تزيد من قيمة الواردات وتقلل من قيمة الصادرات.
– ارتفاع التكلفة الحقيقية للإنتاج
الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات عامّةً، ومن المعروف أن الشركات المصنعة للسلع أو الخدمات ستحمل المستهلك النهائي لهذه الزيادة في التكاليف، ولكن عند البحث عن أسباب زيادة التكاليف، فهي ناتجة عن تغيرات عديدة في مؤشرات الاقتصاد، كارتفاع الأجور، وزيادة أسعار المواد الأولية المستودرة، كالنفط والمواد البتروكيميائية.
– التحكم في الأسعار والأسواق
من خلال فئة تمتلك النفوذ والسيطرة على مقدارات الدولة، إذ نجد أن أسعار الكثير من المنتجات المعتمدة على النفط الخام ثابتة لفترات طويلة من الزمن، بالرغم من التذبذب الحاصل في أسعاره، والتي لا بد أن تكون في مصلحة المستهلك النهائي.