ألواح شمسية منتجة للهيدروجين الأخضر.. تقنية تستغني عن المحلل الكهربائي
تمثل الألواح الشمسية المنتجة للهيدروجين الأخضر إنجازاً فارقاً في صناعة هذا الوقود النظيف الذي يُعوّل عليه في إزالة الانبعاثات وتحقيق أهداف الحياد الكربوني حيث باتت هذه الألواح حلماً قريب المنال بفضل جهود بحثية بذلتها شركة أميركية لإنتاج خلايا مزوّدة بتقنية يُطلق عليها الجزيئات النانوية التي لديها القدرة على إنتاج الوقود منخفض الانبعاثات دون الحاجة إلى استعمال محلل كهربائي.
ألواح شمسية منتجة للهيدروجين
وتنشط تلك الجزيئات النانوية مباشرة نتيجة تفاعل كهروضوئي كيميائي تحدثه الطاقة الشمسية ما ينتج عنه فصل غاز الهيدروجين عن الماء.
وتستطيع الألواح الشمسية المنتجة للهيدروجين الأخضر إنتاج الوقود النظيف في مصفوفات صغيرة أو كبيرة تقع عند نقطة الاستعمال أو بالقرب منها ما يمكن أن يساعد في خفض تكاليف التوزيع والتخزين وهي عوامل طالما غذّت ارتفاع تكلفة الهيدروجين النظيف.
انتكاسات عديدة
وتواجه صناعة الهيدروجين الأخضر العالمية سلسلة من الانتكاسات خلال الشهور الأخيرة ومع ذلك يستمر إبرام الصفقات في تلك الصناعة ويتواصل الزخم في قطاع البحوث والتنمية بهدف التخلص من الغاز الطبيعي في سلاسل إمدادات الهيدروجين.
وفي أحدث جهودها الرامية إلى تحقيق ذلك الهدف المنشود نجحت شركة صن هيدروجين (SunHydrogen) الناشئة في التوصل إلى إنجاز جديد في استعمال وحداتها الشمسية المدعومة بتقنية الجزيئات النانوية التي لديها القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر في خطوة واحدة دون الحاجة مطلقًا إلى استعمال أنظمة التحليل الكهربائية باهظة الثمن.
ويجلب البحث الذي كشفت عنه “صن هيدروجين” إلى الأذهان الإنجاز الفريد الذي حقّقه البروفيسور في جامعة هارفارد دانييل نوسيرا في مجال “الورقة الاصطناعية”.
ويعرف مسار الورقة الاصطناعية كذلك باسم “الورقة الحيوية” إذ ينشر تفاعلاً كهروضوئياً كيميائياً يحاكي عملية التمثيل الضوئي الطبيعية التي تقوم بها النباتات بتحويل ضوء الشمس إلى طاقة كيميائية ويسدل هذا التفاعل الكهروضوئي الكيميائي الستار على الحاجة إلى مدخلات طاقة خارجية ما يؤدي إلى نظام إنتاج هيدروجين اقتصادي.
ويختلف هذا النظام كلياً وجزئياً عن نظام التحليل الكهربائي الذي يُعد حالياً التقنية المفضلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الموارد المتجددة ويعتمد على نشر تيار كهربائي يعمل على شطر جزيء الماء إلى أكسجين وهيدروجين.
وبالنظر إلى أن عملية التمثيل الضوئي مرت بمراحل تطور على مدى ملايين السنين فإن مهمة استنساخ تلك العملية صناعياً خلال عقد أو اثنين تعد واعدة لا سيما إذا كان الهدف منها يتمثّل في الوصول إلى منتج ذي تكلفة تنافسية.
تقنية الألواح الشمسية المنتجة للهيدروجين الأخضر
وبدأت ملامح الزخم في مسار التفاعل الكهروضوئي الكيميائي تتشكل للمرة الأولى في عام 2012 حينما ظهرت شركة هايبر سولار (HyperSolar) التي تغير اسمها في عام 2020 إلى “صن هيدروجين”.
وفي ذاك العام عملت الشركة جاهدةً على تجديد شراكة بحثية مع جامعة أيوا الأميركية كما عمدت إلى زيادة قوتها العاملة وموازنتها المخصصة لتصنيع الألواح الشمسية المنتجة للهيدروجين الأخضر.
وقالت صن هيدروجين: “فريق البحث والتطوير الموسع لدينا سيركز على دعم وتطوير الجهود اللازمة لتسريع تسويق طريقتها في إنتاج الهيدروجين النظيف باستعمال تقنية قائمة على الجزيئات النانوية المغيرة لقواعد اللعبة”.
وتتألّف تقنية الشركة من جسيمات نانوية يطلق عليها “الهياكل غير المتجانسة النشطة كهروضوئياً المعروفة اختصاراً بـ”بي إيه إتش” (PAH) التي تنشط مباشرة بوساطة الطاقة الشمسية لفصل غاز الهيدروجين عن الماء.
وكل جسيم نانوي من الهياكل غير المتجانسة النشطة كهروضوئياً هو بمثابة آلة مجهرية تتكوّن من طبقات متعددة تسمح بحدوث تفاعل التحليل الكهربائي الشمسي.
التمثيل الضوئي
ويعد التفاعل الكهروضوئي الكيميائي الذي تحدثه الطاقة الشمسية في الألواح الشمسية المنتجة للهيدروجين الأخضر عملية مشابهة لما يحدث داخل خلية نبات في أثناء عملية التمثيل الضوئي.
ويعد الأكسجين المنتج الثانوي الأوحد من تلك العملية وهو العنصر نفسه الناتج بوساطة النباتات في عملية التمثيل الضوئي.
وفي الصيف الماضي تصاعد الزخم عندما كشفت شركة “هيدروجين صن” النقاب عن اتفاقية تطوير مشتركة مع فرع البحوث والتنمية هوندا آر أند دي كو (Honda R&D Co) التابع لشركة هوندا والمتخصص في تصنيع الألواح الشمسية المنتجة للهيدروجين وطرحها في السوق.
وفي هذا السياق قالت صن هيدروجين: “ستستغل شركة هوندا (آر أند دي كو) التي تتعاون مع صن هيدروجين قدراتها التصنيعية والتصميمية لتطوير ألواح شمسية جاهزة للتركيب ولديها القدرة على إنتاج الهيدروجين وجمعه بصورة فاعلة وآمنة” في بيان صحفي نشرته في 7 تموز 2024.
وفي وقت لاحق من الشهر نفسه أزاحت شركة “صن هيدروجين” الستار عن الخطوات التالية في تعاونها مع شركة سي تي إف سولار (CTF Solar) الألمانية ما مكن الأولى من دمج تقنية الهيدروجين الأخضر الجديدة على منصة وحدات الطاقة الشمسية التابعة للثانية بهدف تسريع التحول من المختبر إلى السوق.