إسمنت خال من الانبعاثات.. خرق جديد في طريق مكافحة تغيّر المناخ
تمكن باحثون من جامعة كامبردج من اكتشاف طريقة من شأنها تقليل البصمة الكربونية في إنتاج الإسمنت” إسمنت خال من الانبعاثات ” الذي يعد إنتاجه أحد أكثر المشاكل شيوعا على مستوى العالم نظراً إلى حجم الاستهلاك ما يشكل خرق كبير يساهم في مكافحة تغير المناخ.
أسمنت خال من الانبعاثات
ويعتبر الإسمنت المادة الأساسية في تكوين الخرسانة (الباطون) ومن المعروف احتواؤه على نسبة عالية من الكربون لدى إنتاجه.
وتشمل عمليات إنتاج الإسمنت حرق الحجر الجيري في درجات حرارة عالية مما يؤدي إلى انبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.
ومن المفارقات أن قِطاع صناعة الإسمنت ينتج انبعاثات ضارة أكثر مما تنتجه كافة رحلات السفر الجوية مجتمعة.
وعلى الرغم من التأثير البيئي السلبي للإسمنت فإنّ الطلب عليه في ارتفاع متزايد مدفوعاً بمشاريع البناء الضخمة في جميع أنحاء العالم.
لذا يتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً ومبتكراً ومستداماً لعلاج المشكلة التي قد يؤدي تفاقمها إلى مآلات غير سارة.
إعادة تدوير الإسمنت.. تغيير قواعد اللعبة
ولجأ الفريق البحثي إلى طرح طريقة مبتكرة لإعادة تدوير الإسمنت كي تتضاءل بصمته الكربونية على نحوٍ كبير ويوضح البحث المنشور في مجلة “نيتشر” أنّه يمكن إعادة تدوير الإسمنت باستخدام عملية موجودة في إعادة تدوير وصناعة الفولاذ (الصُّلب) دون التسبب بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويعتقد الباحث المشارك في البحث والخبير في الانبعاثات الصناعية “جوليان ألوود” أنّ هذا الاكتشاف يمكن أن يؤدي إلى تحول هائل في إنتاج الإسمنت عالمياً بسبب كلفته المنخفضة كما يمكن أن يكون حلاً واعداً لأزمة المناخ العالمية بسبب انخفاض الانبعاثات الضارة.
ويتم إنتاج الإسمنت عادة عن طريق تسخين الحجر الجيري في الأفران بدرجات حرارة عالية باستخدام الوقود الأحفوري (مادة للحرق) وهي عملية تنبعث منها كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يُعد أحد أهم الغازات الدفيئة المؤثرة في الاحتباس الحراري.
نحو 8 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
وتمثل صناعة الإسمنت وحدها نحو 8 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية ويصنع كل عام نحو 14 مليار متر مكعب من الخرسانة مع توقع بارتفاع هذا الرقم خلال السنوات القادمة.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إنه إذا استمرت الانبعاثات الناتجة عن صناعة الإسمنت في الزيادة بهذا المعدل فمن المؤكد أن التوازن الكربوني الذي تتطلّع إليه حكومات العالم بحلول عام 2050 لن يتحقق، مع العلم أنّ هناك العديد من الجهود المبذولة لإنتاج أسمنت منخفض الكربون أو ما يُسمى بـ”الإسمنت الأخضر”، إلا أن كلفته الباهظة تقف عائقا أمام انتشاره على نطاق واسع.
إسمنت خال من الانبعاثات اقتباس مبهر
ويعتقد باحثو جامعة كامبردج أنّ اقتباس عملية إعادة تدوير الفولاذ باستخدام أفران تعمل بالطاقة الكهربائية قد يكون حلاً واقعياً وعملياً.
يقول “ألوود” إنهم أجروا تعديلات معينة على هذه العملية وكانت النتائج مبهرة عندما استخدموا خرسانة من أبنية قديمة مدمرة كي يُعاد تدويرها وأنّ الأفران في هذا الابتكار بإمكانها أن تعمل بالطاقة المتجددة المستدامة وهو ما يعني أنّ إنتاج الإسمنت والخرسانة سيكون شبه خال من الانبعاثات الضارة.
ويضيف: بمجرد أن لا يكون للكهرباء أي انبعاثات ضارة فإن عمليتنا لن يكون لها أي انبعاثات كذلك”.
وقال إنه لا يمكن للبلدان والحكومات التي تعهدت باتفاقية باريس للمناخ في وقت سابق أن تعمل على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050 وهي تعتمد على إنتاج الخرسانة بشكله الحالي.