الشيخوخة تهدد مزارعي العالم
الشيخوخة تهدد مزارعي العالم وتشكل خطراً داهماً على الأمن الغذائي العالمي وعلى أحد المصادر الرئيسة للمواد الخام الداخلة في العديد من الصناعات العملاقة ومن هنا فإن التحرك للحد من هذه المشكلة يجب أن تكون له أولوية قصوى.
أهمية الزراعة
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن عوائد الأنشطة الزراعية قد وصلت إلى 4.3 تريليونات دولار في عام 2021 وتشمل الزراعة والإنتاج الحيواني والصيد وغيرها من الأنشطة المرتبطة بهذا المجال.
ومع تزايد عدد السكان والتغير المناخي تزداد أهمية الزراعة في ضمان استدامة الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة وهو ما يتطلب توفير بيئة مواتية للعمل فيها عبر الاهتمام بصحة المزارعين ورفاهيتهم وتشجيع الشباب على الانخراط في هذا القطاع الحيوي.
وعلى الرغم من الاعتماد الكبير على الزراعة يشهد العالم اليوم تقدما في أعمار المزارعين يثير القلق، إذ تعاني معظم الدول من نقص العمالة الشابة في هذا القطاع.
الزراعة مجال عمل للشباب والشيوخ
وظلت الزراعة طويلاً مجالاً يعمل به سكان الريف ويعتمد القطاع اعتمادا كبيرا على الخبرات المتراكمة عبر الأجيال التي يتعلمها الجيل الجديد من الجيل السابق عن طريق العمل معاً قبل أن يتسلم الجيل الجديد مسؤولية الأرض أو المزرعة بالكامل.
ومن ثم ينشأ جيل متسلح بخبرات كبيرة موروثة من أجيال عديدة سابقة بالإضافة إلى الخبرات التي يكونها الجيل الجديد بنفسه والتي سيسلمها أيضاً للجيل التالي.
وبعد تقدم آليات الزراعة والحصاد أصبح من السهل على عدد قليل من الأفراد زراعة مساحات شاسعة من الأراضي ويقوم على زراعة هذه الأراضي أفراد العائلة المالكة لها في الغالب بالاستعانة بآليات عملاقة والقليل من العمالة الدائمة وبعض العمالة الموسمية.
الشيخوخة تهدد مزارعي العالم
وتشير الإحصاءات والدراسات الحديثة إلى ارتفاع متوسط سن المزارعين إلى قرابة 60 عاما مع عزوف واضح للشباب عن العمل في هذا المجال الحيوي الذي يمثل المصدر الأساسي للأمن الغذائي عالمياً والذي يحتاج إلى زيادة في الأيدي العاملة.
وعلى سبيل المثال يشير التعداد الأخير لكندا وهي من أكبر المنتجين الزراعيين في العالم أن متوسط عمر المزارعين الرئيسين وصل إلى 56 عاما بينما تجاوز متوسط عمر العاملين في المجال الزراعي 41 عاما وأكثر من ثلث العاملين في المجال عمرهم تجاوز 55 عاما.
أما الولايات المتحدة في العام 2022 فإن متوسط عمر المزارع الأميركي قد ارتفع بمقدار أكثر من عام ليصل إلى 57 عاما و6 أشهر في عام 2017 بالمقارنة بعام 2012 الذي كان المتوسط فيه 56 عاما و4 أشهر.
ويبدو أن ما تشهده قارة أميركا الشمالية لا يختلف عما تشهده بقية أنحاء العالم حيث تشير التقارير إلى أن متوسط عمر المزارعين عالميا يقترب من 60 عاما.
أسباب عزوف الشباب عن الزراعة
ويعود عزوف الأجيال الحديثة عن العمل بالزراعة وبالتالي شيخوخة مزارعي العالم إلى أسباب عديدة أهمها: أن الكثير من الشباب ينظر إلى الزراعة على أنها مهنة صعبة وقليلة الأجر مع ساعات عمل طويلة وفرص محدودة للنمو والتطور.
وأيضاً التعليم حيث تزايد عدد الشباب من خريجي التعليم العالي والذين يشعرون بأن العمل في الزراعة لا يتماشى مع مؤهلاتهم وطموحاتهم المهنية.
كما أدى استمرار نمو المدن وتوفير فرص عمل جديدة إلى جعل الشباب يفضلون الانتقال من المناطق الريفية والبحث عن عمل في المناطق الحضرية.
وتشكل العوامل الاقتصادية أيضاً عائقا أمام دخول الأجيال الجديدة إلى المجال مثل انخفاض أسعار المحاصيل وارتفاع أسعار الأراضي.
حلول مقترحة للتخلص من شيخوخة مزارعي العالم
ولمواجهة هذا الخطر المهدد للأمن الغذائي العالمي يجب تبنّي بعض الحلول التي تشجع الأجيال الجديدة على تسلّم المسؤولية من الجيل الحالي وكذلك تشجيع الشباب من خارج العائلات العاملة بالزراعة على الدخول إلى المجال.
وتشمل هذه الحلول تقديم الحكومات برامج توعية بأهمية العمل في الزراعة وتصحيح الآراء السائدة عن عدم جدواه الاقتصادية.
وتقديم برامج دعم مادي لرفع مستوى استخدام الآلات والتقنيات في المزارع لجذب نوعيات مختلفة من الوظائف في مجالات التكنولوجيا الحديثة إلى العمل الزراعي وبرامج تمويل لتمكين الشباب من الحصول على أراض وآليات لإنشاء مزارعهم الخاصة.