الليثيوم.. وتهافت الدول عليه
زادت الاستخدامات التجارية لليثيوم في السنوات الأخيرة بشكل كبير، إذ يستخدم في تصنيع البطاريات القابلة لإعادة الشحن التي تشغل السيارات الكهربائية، وبطاريات الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، كما أن التحول إلى الطاقة النظيفة قد يصبح مستحيلا من دونه.
ارتفاع الطلب على الليثيوم
وسبب ارتفاع الطلب على الليثيوم مؤخرا.. هو اتجاه مصانع السيارات لتصنيع المركبات الكهربائية، بعد أن أعلنت دول عديدة مثل المملكة المتحدة والسويد وهولندا وفرنسا والنرويج وكندا، عزمها منع بيع السيارات التي تعمل على الوقود، وأشار تقرير للبنك الدولي، إلى ضرورة مضاعفة إنتاجه بنحو خمس مرات، لتحقيق أهداف القضاء على الانبعاثات العالمية بحلول 2050.
ويرى (أليكس كيينز ) مدير المركبات النظيفة بمؤسسة النقل والبيئة في بروكسل، أن الطلب على المعدن الذي يستخرج بطرق أقل إيذاء للبيئة، تزايد في الآونة الأخيرة، فشركات مثل “مرسيدس بنز” و”فولكسفاغن”، أصبحت أكثر اهتماما بالعواقب البيئية والاجتماعية، لسلسلة توريد سياراتها الكهربائية.
ويقول كيينز: سنحتاج لاستخراج كميات أكبر من هذا المعدن، لتلبية الطلب الذي يشهد ارتفاعاً متواصلاً، وتعد المياه المالحة في محطات الطاقة الحرارية الأرضية، مصدراً واعداً لاستخراجه.
استخراجه
وتقول (لوسي كرين) عالمة جيولوجيا: إن التطورات التكنولوجية في مجال البحث عن المعادن واستخراجها، هيأت الفرص لاستخراجه من الينابيع الحارة، حيث يتم الاستعانة بسجلات للبيانات وخرائط مرسومة، وصور حديثة للأقمار الصناعية، والطائرات المسيرة، للبحث عن المصادر المحتملة لليثيوم، وهذا يساعد في تحديد الموقع المناسب قبل الحفر.
وتضيف كرين: أن هناك تقنية جديدة تسمى “عملية استخراج الليثيوم المباشرة” التي طورتها شركات أمريكية وألمانية ونيوزيلندية تتضمن، استخدام تقنيات الترشيح النانوي أو راتنجات التبادل الأيوني، التي تقوم بدور مرشحات كيميائية لعزل كلوريد الليثيوم عن سائر الأملاح في المياه المالحة، ثم يُجمع كلوريد الليثيوم من المصفاة عن طريق غسل كريات الراتنج بالماء النقي وحقن المياه المتبقية في الأرض، عبر الحُفر ثم يُنقى كلوريد الليثيوم ويركّز لإنتاج هيدروكسيد الليثيوم الذي تصنع منه البطاريات.
وفي الولايات المتحدة، يجري العالم (ويليام سترينغفيلو) أبحاثا عن طرق مختلفة لاستخراج الليثيوم من المياه المالحة، منها: استخراجه عن طريق مذيبات مصممة لجمع أيونات الليثيوم، أو استخدام أغشية لا تسمح إلا بمرور أيونات الليثيوم، أو استخدام الفصل الكهروكيميائي، بحيث تجتذب الأقطاب الكهربائية المشحونة أيونات الليثيوم.
وأصبحت الولايات المتحدة وألمانيا، من أهم مراكز أبحاث استخراجه من المياه الجوفية، بمحطات الطاقة الحرارية الأرضية.
تهافت على الليثيوم
ويرى الباحث سترينغفيلو: إن التهافت علىه في الوقت الراهن، يعيد إلى الأذهان حمى الذهب بحثا عن الثراء، إذ يعلق الناس آمالا عريضة على هذا المعدن، لتحقيق ازدهار اقتصادي حيث يصل سعر الطن الواحد من المعدن إلى نحو 12 ألف دولار.
أهم مناطق استخراجه
في أمريكا تلقب المنطقة المجاورة لبحيرة “سالتون سي” في كاليفورنيا، التي تعد ثاني أكبر حقل للطاقة الحرارية الأرضية في الولايات المتحدة بـ (وادي الليثيوم)، وتشير تقديرات لجنة الطاقة بكاليفورنيا إلى أن هذا الحقل قد يلبي 40 في المئة من الطلب العالمي.
ويستخرج بكميات كبيرة حالياً، من خزانات المياه المالحة الجوفية في أمريكا الجنوبية، حيث تحتوي المياه المالحة في مناجم كورنوال، على تركيزات تصل إلى 260 ملليغرام لكل لتر، وتتدفق بمعدل يتراوح بين 40 و60 لترا في الثانية، وتنتج الأرجنتين حاليًا 10% منه في العالم.
أما في ألمانيا حيث يعد وادي الراين، مركزا لقطاع استخراج الليثيوم من محطات الطاقة الحرارية الأرضية، حيث يوجد منه ما يكفي لتلبية الطلب المتزايد عليه في الأسواق الأوروبية لسنوات عديدة قادمة.
كما يوجد في بوليفيا وتشيلي والصين وروسيا وأستراليا وروسيا.
صعوبات تواجه الإنتاج
ويواجه الإنتاج عراقيل منها: الطرق التقليدية لاستخراجه المكلفة بيئيا، إذ يُستخرج من مناجم تحت الأرض، مثل استراليا أو من خزانات مياه مالحة جوفية تحت طبقات البحيرات الجافة، مثل تشيلي والأرجنتين، كما أن طرق التنقيب عنه في الصخور الصلبة تدمر مساحات كبيرة من الأراضي، ويستهلك كميات هائلة من المياه، كما ويؤثر على المجتمعات الأصلية التي تعيش في هذه المناطق.
يعود اكتشاف الليثيوم إلى عام 1864 في إنكلترا، بمياه نبع حار على عمق 450 مترا تحت سطح الأرض، في منجم (ويل كليفورد) للنحاس على مشارف بلدة ريدروث بمقاطعة كورنوال.