تقرير: التغيرات المناخية توقع عشرات الدول في أزمة ديون
لن تمرّ ظاهرة التغيرات المناخية على العالم مرور الكرام -على ما يبدو-، بل إنها قد تُلحق أضراراً بالغة الخطورة بالاقتصادات -الكبيرة والصغيرة على حدّ سواء-؛ ما يقود بدوره إلى مخاطر كارثية على المديين القصير والطويل.
ولمواجهة الآثار المناخية المحتملة، ستحتاج سياسات الاقتصاد الكلي في البلدان المتضررة إلى التعديل بما يتناسب مع استيعاب صدمات الطقس غير المسبوقة، إلى جانب توفير البنية التحتية المحدثة لتعزيز المرونة الاقتصادية.
ومن الممكن أن تؤثّر التداعيات الاقتصادية الناجمة عن التغيرات المناخية سلباً في البلدان حول العالم، حسبما أورد موقع “دبليو آي أو إن”.
59 دولة ستتأثر من تداعيات التغيرات المناخية
وقد يؤدي تزايد مستويات الانبعاثات الكربونية إلى ارتفاع تكاليف خدمة الديون في 59 دولة خلال العقد المقبل، فيما يكافح العالم مع تداعيات التغيرات المناخية، حسبما جاء في تقرير بحثي حديث.
حذّر الباحثون من تراجع التصنيف الائتماني المحتمل للّاعبين الرؤساء العالميين أمثال الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية، مشيرين إلى أن التداعيات خطيرة، في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض بالنسبة للدول، ما يُترجم -في النهاية- إلى تراكم الديون المؤسسية.
وأوضحت الدراسة أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التغيرات المناخية واضحة بالفعل، لافتة إلى أن موجات الحرارة التي اجتاحت عدداً من دول العالم مؤخراً، خفضت ما نسبته 0.6% من الناتج العالمي.
وبينما دقّت عملاقة التأمين الألمانية آليانز Allianz جرس إنذار، توخّت وكالات التصنيف الائتماني الحذر في تحديد كمّ المخاطر التي تفرضها التغيرات المناخية، في تقييماتها.
ومع ذلك، استعانت الدراسة التي أجرتها جامعة إيست إنغليا البحثية الأميركية بالتعاون مع جامعة كمبريدج، بتقنية أنظمة الذكاء الاصطناعي والتوقعات الاقتصادية المناخية، في استحداث نظام تقييم معدل وفق المناخ.
بينما تدرك وكالات التصنيف الائتماني أن الاقتصادات عُرضة لمخاطر التغيرات المناخية، فإنها تتوخى الحيطة والحذر بتقييم تلك المخاطر في التقييمات الخاصة بها نتيجة عدم اليقين بشأن شدة الأضرار المحتملة.
ويُستعمَل تقرير التصنيفات الائتمانية العالمية الحالية لوكالة “ستاندارد أند بورز” للتدريب على تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي اقترنت بعد ذلك بالنماذج الاقتصادية المناخية، إضافة إلى تقييمات المخاطر الكارثية الطبيعية من قبل “ستاندارد أند بور” لتطوير تقييمات جديدة لسيناريوهات مناخية بديلة.
وإذا ما نجح العالم في تحقيق مستهدف اتفاقية باريس للمناخ 2015، المتمثل في الإبقاء على درجات الحرارة أقلّ من درجتين مئويتين، ستشهد التصنيفات الائتمانية السيادية تأثيراً قليلاً على المدى القصير، إلى جانب تداعيات طفيفة جداً على المدى الطويل، وفق المحاكاة.
وعلى الجانب الآخر، سيقود سيناريو الانبعاثات الكربونية العالية الأسوأ إلى تزايد نفقات خدمة الديون العالمية، لتصل إلى مئات المليارات من الدولارات، وفق النموذج.
البلدان النامية هي الضحية
ربما تتحمل البلدان النامية التي تمتلك نقاطًا أقلّ بشأن الائتمانات، نصيب الأسد من التأثيرات البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية.
ومع ذلك، فإنه حتى الدول التي تتمتع بأعلى التصنيفات الائتمانية تواجه خطر التخفيضات الحادة المحتملة بسبب التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده في الوقت الراهن.
وقد أظهرت نتائج دراسة بحثية حديثة أن التغيرات المناخية تسرّع وتيرة التضخم في عشرات الدول حول العالم، حسبما نشر موقع مجلة ساينتفيك أميركان.
وأوضحت الدراسة أن هذا التوجه من المتوقع أن يستمر مع ازدياد سخونة درجات الحرارة وبلوغها مستويات غير مسبوقة في عقود.
ارتفاع أسعار الغذاء
مضى الباحثون في استكشاف آثار التغيرات المناخية على التضخم في 121 دولة، ووجدوا أن درجات الحرارة الأعلى من المتوسط ترفع تكلفة الغذاء والسلع والخدمات الأخرى.
وأظهرت الدراسة أن ارتفاع الأسعار سرعان ما تنعكس آثاره على الاقتصاد العالمي.
ورغم أن ظاهرة التغيرات المناخية عالمية، من المرجح أن تظهر أكبر التأثيرات في دول الجنوب العالمي، وتحديداً في أفريقيا وأميركا الجنوبية، وفق باحثي الدراسة.
وقال التقرير: “تشير تلك النتائج إلى أن التغيرات المناخية تفرض مخاطر بالنسبة لاستقرار الأسعار عبر التأثير مباشرة في معدلات التضخم، وتغيير التوقيت الذي يحدث فيه، وزيادة الآثار الناجمة عن ظروف الطقس المتطرف”.