شمس اصطناعية لتوليد الكهرباء في الصين
تسعى الصين إلى استغلال طاقة الاندماج النووي (شمس اصطناعية) في توليد الكهرباء لأول مرة بحلول عام 2050 وهو ما سيشكل قفزة جديدة للاستفادة من المصادر النظيفة؛ سعياً لتحقيق هدف الحياد الكربوني في عموم البلاد بحلول عام 2060.
شمس اصطناعية لتوليد الكهرباء
ويُشبه الاندماج النووي طريقة الشمس والنجوم، إذ تُدمَج نواتان ذريتان أو أكثر، وهو عكس تقنية الانشطار النووي، ويولّد طاقة لا نهائية ذات نسبة نفايات ضئيلة.
وثمة حرب شرسة على تطوير تقنيات الاندماج النووي بين الصين من ناحية والولايات المتحدة من ناحية أخرى؛ إذ يأتي الإعلان الصيني بعد أيام معدودة على إعلان بدء الإنتاج بناء أول محطة طاقة نووية اندماجية في واشنطن في 2028.
توليد الكهرباء في الصين
ولأغراض توليد الكهرباء في الصين، وضعت مؤسسة الطاقة النووية الوطنية (CNNC) هدف التسويق لتقنية الاندماج النووي بحلول عام 2050.
وتطوّر المؤسسة ما تصفه بـ”الشمس الاصطناعية”، وهي مفاعل توكاماك فائق التوصيل “إيست” (EAST)، وما زال قيد التجربة في الصين؛ بهدف إنتاج طاقة الاندماج النووي.
ونجح ذلك المفاعل المتطور في كسر الرقم القياسي السابق في يناير/كانون الأول الماضي 2025، عندما نجح باستمرار تشكيل حلقة بلازما لمدة 1066 ثانية بما يعادل 17 دقيقة و46 ثانية في درجة حرارة تزيد على 180 مليون فهرنهايت.
ويشار هنا إلى أن تفاعلات الاندماج تحدث عندما تكون المواد في حالة تُسمّى بحالة البلازما، وهي حالة تتَّخذ المادة فيها شكل غاز ساخن مشحون مكوَّن من أيونات موجبة وإلكترونات طليقة، وفق تعريف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي تطور جديد، توقعت المؤسسة الصينية بدء التشغيل التجاري للجهاز لإنتاج الكهرباء لأول مرة في 2050، أي بعد 5 سنوات من بدء المرحلة التجريبية في 2045.
تأسيس شركات الاندماج النووي
وتسعى الصين لاستغلال تقنية الاندماج التي عمل علماء العالم على تطويرها على مدار عقود طويلة، لتوليد كهرباء لا تنفد تقريباً.
لكن عدداً محدوداً من الدول على رأسها الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الجنوبية بدأ في إنتاج الطاقة منها بطريقة مستدامة وقابلة للاستعمال.
وللّحاق بالركب، شكّلت المؤسسة النووية الصينية تحالفاً للصناعة، وأسست أولى شركات الاندماج النووي الوطنية وهي “تشاينا فيوجن” (China Fusion).
كما جذبت الصين استثمارات بقيمة 1.75 مليار يوان (324 مليون دولار) لتطوير مفاعل توكاماك متقدم (أحد المفاعلات النووية الاندماجية) يستعمل المجال المغناطيسي لحصر البلازما شديدة السخونة والتحكم بها لإنتاج كهرباء دون انبعاثات أو قدر كبير من النفايات المشعّة.
الطاقة النووية في الصين
تخطط المؤسسة النووية الصينية لزيادة إنتاج التصميمات المحلية لمفاعلات الانشطار النووي العادية والمفاعلات المعيارية الصغيرة خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويشار هنا إلى توقعات بحدوث قفزة في عدد المفاعلات النووية في الصين، لتتفوق على الولايات المتحدة وفرنسا بحلول عام 2030.
وكل عام، توافق الحكومة على بناء 10 مفاعلات جديدة لتلبية احتياجات الكهرباء في الصين، بعد أزمة انقطاع التيار في عامي 2021 و2022.
وتصدّرت الصين قائمة أكبر 10 دول في تطوير مشروعات الطاقة النووية عالمياً حتى تموز 2024.
وحالياً، يوجد 85 مفاعلًا نوويًا قيد التشغيل في الصين بقدرة 56.88 ميغاواط، كما أن هناك 30 مفاعلًا آخر قيد التطوير بقدرة 31.98 ميغاواط، وفق بيانات رابطة الطاقة النووية العالمية.
شمس اصطناعية وأول محطة طاقة نووية اندماجية في العالم
وأعلنت شركة “هليون إنرجي” الأميركية (Helion Energy) خطوات جادة نحو بناء ما ستكون أول محطة طاقة نووية اندماجية في العالم في تشيلان بالعاصمة واشنطن.
وتُطور الشركة محطة بسعة 50 ميغاواط هناك على نهر كولومبيا، ووضعت جدولًا زمنياً لبدء البناء في صيف العام الجاري 2025 إذا نجحت في الحصول على التراخيص الحكومية ذات الصلة.
وفي ضوء تلك التطورات الإيجابية، تتوقع الشركة بدء توليد الكهرباء من الطاقة النووية الاندماجية بحلول عام 2028.
وسبق ذلك إعلان إبرام اتفاقية شراء مع شركة مايكروسوفت لتزويد عملاقة البرمجيات بالكهرباء النظيفة.
ويؤكد ذلك موقف “مايكروسوفت” الداعم لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية؛ إذ أبرمت اتفاقًا لشراء الكهرباء محطة الطاقة النووية في جزيرة الأميال الثلاثة ببنسلفانيا مع شركة كونسلتيشن إنرجي (Constellation Energy) في سبتمبر/أيلول الماضي 2024.