صندوق النقد: الإنفاق الحكومي على الأهداف المناخية يفاقم مستويات الديون
حذّر صندوق النقد الدولي من التكاليف الهائلة لسياسات دعم أهداف الحياد الكربوني بحلول 2050، دون فرض ضرائب الكربون التي تولد إيرادات إضافية وتخفف من أعباء المالية العامة، داعياً إلى مساهمة كبيرة للقطاع الخاص بتمويل خطط التحول الأخضر في الدول النامية.
وتواجه الحكومات معضلة سياسية ثلاثية بين تحقيق الأهداف المناخية واستدامة المالية العامة والجدوى السياسية، ما يعني أن تحقيق أيّ هدفين من الأهداف الـ 3 يأتي على حساب التضحية جزئياً بالهدف الثالث.
ومن أجل تحقيق أهداف خفض الانبعاثات، يعتمد العديد من الدول بكثافة على تدابير الإنفاق، مثل زيادة الاستثمارات العامة ودعم مصادر الطاقة المتجددة، وعلى الرغم من أن هذه الجهود موضع ترحيب، فإنها تؤدي في بعض الحالات إلى إثقال كاهل المالية العامة، وفق تقرير صندوق النقد الصادر أمس الاثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يرى صندوق النقد أن الأهداف المناخية ترفع مستويات الديون
يرى الصندوق أن العمل المناخي يضع صنّاع السياسات أمام مقايضات صعبة؛ فالاعتماد بصورة متزايدة على تدابير الإنفاق الحكومي والتوسع فيها لتحقيق الطموحات المناخية سيصبح مكلفاً للغاية.
ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة الديون بنسبة تتراوح بين 45% و50% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2050، وفق تقديرات الصندوق.
ومن شأن ارتفاع مستويات الديون وأسعار الفائدة وضعف توقعات النمو الاقتصادي أن يزيد من صعوبة تحقيق التوازن في المالية العامة.
وفي الوقت نفسه، فإن عدم اتخاذ مثل هذه التدابير الطموحة يجعل العالم عرضة لظاهرة الاحتباس الحراري، ويمكن للدول مواجهة ذلك عبر تحقيق إيرادات لتخفيف عبء ديونها من خلال تسعير الكربون، ولكن الاعتماد على هذه الآلية وحدها قد يتجاوز الخطوط الحمراء من المنظور السياسي، ومن هنا تأتي المعضلة الثلاثية (تحقيق الأهداف المناخية، والاستدامة المالية، والجدوى السياسية).
وتختلف تكاليف المالية العامة باختلاف مزيج سياسات الإيرادات والإنفاق، ويمكن إقرار مزيج مناسب يستطيع الحدّ من تكاليف المالية العامة الناتجة عن خفض الانبعاثات، مع تحقيق الأهداف المناخية.
مشروعات طاقة متجددة
ويرى صندوق النقد أنه من الممكن أن يرتفع الدين العام في الاقتصادات المتقدمة بما يتراوح بين 10% و15% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2050 إذا لم تُتخذ تدابير إضافية على جانب الإيرادات أو النفقات، وإن كانت هذه التقديرات تخضع لقدر كبير من عدم اليقين جراء الاختلافات بين البلدان من حيث الموازنات الحكومية، وحجم الاستثمارات والاعتماد على الوقود الأحفوري.
وفي حالة تأجيل تسعير الكربون فستكون التكاليف المالية أكثر، إذ يرتفع الدين العام بما يتراوح بين 0.8% و2% من إجمالي الناتج المحلي مقابل كل عام من التأخر.
تسعير الكربون ليس كافياً
يرى الصندوق أن تسعير الكربون ينبغي أن يكون جزءًا لا يتجزأ من أيّ سياسات حكومية لدعم أهداف المناخ، لكنه في الوقت نفسه ليس كافياً في جميع الحالات للحدّ من الانبعاثات.
وتُظهر التجارب الناجحة من بلدان تمرّ بمراحل مختلفة من التنمية، مثل تشيلي وسنغافورة والسويد، أن العقبات السياسية المرتبطة بتسعير الكربون يمكن التغلب عليها، وهو ما قد يفيد 50 دولة متقدمة وناشئة لديها خطط تسعير الكربون معمول بها بالفعل، إلى جانب أكثر من 20 دولة تفكر في تطبيقها.
وينبغي استكمال خطط تسعير الكربون بأدوات أخرى لمعالجة إخفاقات السوق وتشجيع الإبداع ونشر التقنيات منخفضة الكربون.
ومن أهم هذه الأدوات، التي يروّج لها صندوق النقد الدولي دائماً وضع حدّ أدنى لسعر الكربون على المستوى الدولي، على أن يكون متباينًا ليتناسب مع الدول المتقدمة والنامية والناشئة، مع تقاسم عائدات الكربون المرتبطة بذلك جزئيًا بين البلدان لتسهيل التحول الأخضر.