طرق معالجة المياه العادمة

تُعدُّ المواردُ الطّبيعيّةُ والصّناعيةُ واحدةً من ركائز القوى في الدّولة، فعن طريقها تستطيع أن تضمنَ النّمو والتّنمية للمجتمع وأن تكفل نفسها وتكون في غنى عن الحاجة للاستيراد من الدّول الأخرى.

وتلجأ الدّول التي تعاني من نقص ملحوظ في مواردها إلى التّفكير في طرق بديلة لرأب ذلك النّقص ومن ذلك معالجة المياه العادمة.

وتُسمى المياهُ العادمة؛ بمياه الصّرف الصّحي أيضًا، وهي عبارةٌ عن المخلفات السائلة المائية التي تضررت بالسّلب من النّشاط البشري على سطح الكرة الأرضية، وهي تشملُ المخلفات الزّراعية والصّناعية والتّجارية ومخلفات المجمعات السّكنية أيضًا.

وتختلفُ طبيعةُ الملوثات التي تحتويها مياه الصّرف تبعًا للمصدر الذي خرجت منه، وهي تصل إلى مكبٍّ واحدٍ عبرَ شبكة الصّرف الصّحيِّ والأنابيب والمجاري المبنية ضمن هيكلية متشابهة.

وقد دأبت العديد من الدّول على جعلها تُصرف في حفرة امتصاصيّة كبيرة، ومن ثم أضافت لها العديد من التّقنيات الجديدة كالقنوات والمضخات والمرشحات بصدد تجميعها في مكان واحد والتّفكير في معالجتها من جديد.

طرق معالجة المياه العادمة

تعني معالجة المياه العادمة تنقيةُ مياه الصّرف من الشّوائب والملوِّثات والمواد العضوية العالقة فيها، وذلك حتى تصبحَ صالحةً للاستخدام من جديد دون الاستعمال البشري، أي لاستعمالها في ريِّ المزروعات أو إطفاء الحرائق وغيرها، وتمرُّ طرق معالجة المياه العادمة بمراحل عدّة، سنوضحها فيما يلي:

المرحلة الفيزيائية وتُسمى أيضًا بالمعالجة الميكانيكيّة وهي تشملُ عمليةُ غربلة النّفايات الصّلبة والكبيرة الحجم في الخطوة الأولى مثل العلب والحجارة والصّناديق، وكذلك التّخلص من الكائنات الحية الميّتة في شبكات الصّرف كالفئران والقطط وغيرها، وتليها خطة التّرسيب التي تهدف إلى التّخلص من المواد العضوية والصّلبة الحالة وغالبًا ما تجري عبر المعالجة اللاهوائية، والخطوة الأخيرة في هذه المرحلة هي القشط إذ تُخلص المياه من الزّيوت الطّافية على السّطح.

المرحلة الحيوية وتتضمّنُ الخطوة الأولى فيها التّهوية إذ تُجمع مياه الصّرف في أحواض كبيرة بيضاوية الشّكل وتُكثر البكتيريا الهوائية التي تحلّل المواد العضوية بإتقان، وتليها خطوة التّرسيب التي تهدف لنزع المواد العضويّة والبكتيريا الهوائية معًا من خلال محطات تنقية خاصة، وتليها خطوة التّخمر اللاهوائي للتّخلص من المواد الصّلبة المترسبة عبر خزان كبير مسامي يحتوي على كائنات حيّة دقيقة مع التّحكم بدرجة حرارته آليًا.

المرحلة الكيميائية وتعنى بتعقيم المياه العادمة عبر إضافة الكلور أو تعريض الماء للأشعة فوق البنفسجيّة أو إضافة بعض المعادن الثّقيلة كالبورون، بالإضافة إلى تقليل نسبة الأملاح الذّائبة العالية التّركيز عن طريق استخدام نظام التّناضح العكسي الذي يساهم بتحلية المياه وتوسيع مجالات استخدامه لاحقًا.

البكتيريا الكهربائية وهي تقنية جديدةٌ تُستخدم لمعالجة المياه العادمة خاصةً في المجتمعات الصّغيرة، وذلك عبر تمرير المياه من خلال مرشح نباتيٍّ حيويٍّ يعمل على توليد مياه نظيفة، إذ تعلق البكتيريا على سطحها ويجري التّخلص منها لاحقًا، ومن إيجابيات الطّريقة إمكانية عملها تحت درجات الحرارة المنخفضة بكفاءة عالية، كما ويجري العمل على طرحها بأسعار مناسبة للتّجار والمهتمين، وقد بدأ العمل بها فعليًا في كلّ من المكسيك والدنمارك وإسبانيا والأرجنتين.

مصادر المياه العادمة

مخلفات المصانع والمحلات التّجارية التي تطرح العديد من المواد الضّارة وأبرزها مادة الفينول والمنظفات الصّناعية المصنعّة من المواد العضوية العصية على الذوبان في الماء، والتي تُحدث رغوةً مزعجةً في عملية المعالجة.

المخلفات الزّراعية وأكثرها خطورة المبيدات الحشرية، والأسمدة الكيميائية الصّنع فهي تحتوي على مواد عالية السّمية وتشكل خطرًا على المياه العادمة وتحتاج لتقنيات عالية لإبطال تأثيرها.

مخلفات الناقلات النّفطية التي تطرح الزّيوت والدّهون ومشتقاتها في المياه، وهي لا تتحلّل بسهولة وتغطي سطح آلات التّحلية وتعلق بها ممّا يكلفها صيانةً دوريةً وإجراء عمليات تنظيف.

مخلفات المنازل وتُعدُّ الأقل ضررًا على المياه العادمة كونها تتكون من قشور النباتات والعلب الكبيرة غالبًا.

فوائد معالجة المياه العادمة

جرّبَ الإنسان في مراحل سابقة إهمال عملية معالجة المياه العادمة، وعانى كثيرًا من تبعات الأمر وآثاره، ولهذا تعمل جميع الدّول الحديثة والنامية على الاهتمام بنظام الصّرف الصّحي، ومعالجة المياه العادمة حفاظًا على السّكان والبيئة، ومن أهمِّ فوائد تلك المعالجة:

تضمنُ صحّةَ الإنسان وتحدُّ من انتشار الميكروبات المسبّبة للأمراض والتي تنتقل بسرعة عبر مياه الشّرب والاستحمام. تزيدُ من نسبة الأكسجين في الجوِّ وذلك عبر منع الميكروبات من تحليل الموادِّ العضوية الموجودة في المياة العادمة.

تقلّل من الرّوائح الكريهة والعفونة المُنتشرة في الجوِّ بفعل نشاط الميكروبات اللاهوائية.

تساهم في حلِّ مشكلة نقص المياه التي تعاني منها دول العالم الثالث والقارّة الإفريقية.

تساعد في إطفاء الحرائق، وريِّ المزروعات وتسميدها، وغسل المركبات والناقلات العملاقة، وفي المصانع التّجارية. تمنع تلوث التربة والماء والهواء وتحافظ على التوازن البيئي بصورةٍ صحيّة.