محطة طاقة شمسية في الفضاء.. أحدث اختراعات الصين
في خطوة رائدة على مستوى العالم كشفت الصين عن خطط طموحة لإنشاء محطة طاقة شمسية في الفضاء وهي مشروع يهدف إلى استغلال أشعة الشمس بكفاءة عالية في مدار ثابت حول الأرض.
محطة طاقة شمسية في الفضاء
ويأتي هذا الابتكار في إطار الجهود الصينية الرامية لتعزيز مكانتها في مجالي الطاقة المتجددة واستكشاف الفضاء.
ويعد المشروع الذي يوصف بأنه الأول من نوعه نقلة نوعية في عالم الطاقة إذ يسعى لتوفير مصدر كهرباء نظيف ومستدام يلبّي الطلب العالمي المتزايد كما يمثّل تحدياً هندسياً فريداً.
ووفقاً لتقارير ستتكوّن المحطة من ألواح شمسية عملاقة بعرض 0.6 ميلًا (كيلومتر واحد) سيجري تجميعها وإطلاقها إلى ارتفاع 36 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض باستعمال تقنية متقدمة لتحويل الطاقة الشمسية إلى موجات ميكروويف تُرسل إلى الأرض.
وتستهدف الصين من هذا المشروع تجاوز العقبات التقليدية المرتبطة بالطاقة الشمسية على سطح الكوكب، مثل تأثيرات الطقس والغيوم.
أول محطة من هذا النوع
وتعتمد هذه المحطة على إطلاق الألواح الشمسية باستعمال صواريخ ثقيلة الإطلاق من طراز “لونغ مارش-9” قيد التطوير حالياً قادرة على حمل حمولة تصل إلى 150 طنًا.
ووصف العالم الصيني “لونغ ليهاو” المشروع بأنه سد الخوانق الثلاثة في الفضاء في إشارة إلى مشروع السد العملاق على نهر اليانغتسي الذي يُعد أكبر محطة طاقة كهرومائية في العالم.
وأكد ليهاو أن الكهرباء التي ستنتجها المحطة في عام واحد تعادل إجمالي الكهرباء المنتجة من احتياطيات النفط على الأرض جميعها.
الطاقة الشمسية الفضائية
ورغم التقدم الكبير في تقنيات الطاقة الشمسية الأرضية فإن هذا النوع من الطاقة ما زال يواجه تحديات كبيرة منها الغيوم وتغيرات الطقس بالإضافة إلى امتصاص الغلاف الجوي لأشعة الشمس ما يقلل من كفاءة الألواح الشمسية الأرضية.
أما في الفضاء الخارجي فإن أشعة الشمس أكثر كثافة بنحو 10 مرات ما يتيح إنتاج طاقة بصورة مستدامة وأكثر كفاءة.
وفي سياق متصل فإن تقنية الطاقة الشمسية الفضائية ليست وليدة اليوم إذ اقترحت لأول مرة في ستينيات القرن الماضي لكنها بقيت ضمن حدود الأفكار النظرية بسبب التحديات التقنية والمالية.
ومع ذلك فإن التطورات الحديثة في تقنيات الإطلاق وإعادة استعمال الصواريخ جعلت تنفيذ هذا الحلم أقرب إلى الواقع.
الجدول الزمني للمشروع
وتخطّط الصين لتنفيذ المشروع على عدة مراحل تبدأ بإطلاق نماذج صغيرة بحلول عام 2030 لاختبار التكنولوجيا على أن تصل المحطة إلى طاقتها الكاملة بحلول عام 2040.
إلا أن المشروع يواجه عقبات تقنية كبيرة تشمل كيفية تجميع الألواح الشمسية في الفضاء وكيفية نقل الطاقة عبر موجات الميكروويف بصورة آمنة دون التأثير في البيئة أو صحة البشر.
استغلال الطاقة الشمسية الفضائية
وليست الصين الدولة الوحيدة التي تسعى لاستغلال إمكانات محطة طاقة شمسية في الفضاء بل تعمل العديد من الدول والمنظمات على التوجه نفسه.
وتعمل الولايات المتحدة من خلال شركات كبرى مثل لوكهيد مارتن على تطوير تقنيات مشابهة في حين أعلنت اليابان خططًا لإطلاق قمر اصطناعي صغير خلال العام الجاري لاختبار نقل الطاقة باستعمال موجات الميكروويف كما تدرس وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) جدوى مثل هذه المشروعات.
ورغم أن هذه المحاولات ما تزال في مراحلها الأولى فإنها تعكس الاهتمام العالمي بتطوير تقنيات الطاقة الشمسية الفضائية ما يشير إلى سباق متزايد لتحقيق الريادة في هذا المجال.
أهمية أول محطة طاقة شمسية في الفضاء
هذا وتتمثّل أهمية أول محطة طاقة شمسية بالفضاء في أن نجاحها سيكون إنجازاً غير مسبوق يعزّز من مكانة الصين بصفتها قوة رائدة عالمياً في مجالي الفضاء والطاقة المتجددة.
ويحمل المشروع فوائد بيئية كبيرة إذ يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات الكربونية.
كما تمثل أول محطة طاقة شمسية في الفضاء حلاً مبتكراً لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الكهرباء بطريقة مستدامة وصديقة للبيئة.
ومع تقدم المشروع بخطوات ثابتة يتوقع أن يشكّل حجر الزاوية في مستقبل الطاقة النظيفة ويعزّز من الابتكارات التي ستعيد تشكيل مشهد الطاقة العالمي خلال العقود المقبلة.
وفي ظل السباق العالمي نحو استغلال الفضاء لأغراض الطاقة تبدو الصين في موقع القيادة لتحقيق هذا الحلم الذي قد يصبح واقعاً ملموساً قريباً.
الطاقة الشمسية في الصين
وتعد الصين حالياً أكبر منتج ومصدر للطاقة الشمسية في العالم إذ بلغت تركيبات الطاقة الشمسية فيها مستوى قياسياً جديداً في العام الماضي 2024 متجاوزة 230 غيغاواط.
ويرجع ذلك إلى انخفاض تكاليف إنتاج الألواح الشمسية وزيادة الطلبَيْن المحلي والدولي وتتمركز معظم المنشآت في المناطق الصحراوية ما يعزّز الاستفادة من الموارد الطبيعية لتقليل الانبعاثات الكربونية.
وتطوّر الصين تقنيات متقدمة في مجال الطاقة الشمسية بما في ذلك خلايا شمسية ذات كفاءة عالية وصلت إلى 34.6 بالمئة ما يضعها في صدارة الابتكارات العالمية.
كما نجحت بكين خلال السنوات الأخيرة في تعزيز صادراتها من الألواح الشمسية إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية إذ نمت صادراتها بنسبة 40 بالمئة خلال العام الماضي.