مفهوم التضخم الاقتصادي
يعد مصطلح التضخم الاقتصادي (Economic Inflation) من القضايا التي تشغل بال اقتصاديات الدول، فارتفاع نسب التضخم ينذر بوجود مشلكة اقتصادية، قد تكون سهلة المعالجة، وفي الوقت نفسه من الممكن أن تؤدي إلى انهيار اقتصاد دولة بأكمله، فهو يشير إلى ارتفاع الأسعار التدريجي أو المتسارع بحيث يتجاوز الحد المتعارف عليه، وارتفاع الأسعار يصيب السلع والخدمات على حد سواء، فالمشكلة ليست في ارتفاع الأسعار فقط، وإنما تتعلق بالتبعات التي ستلحق بالمؤشرات الاقتصادية الأخرى، أهمها انخفاض قيمة العملة وبالتالي خلل في الأسواق المالية، كما يتسبب في خسائر تلحق المنشآت الاقتصادية بمختلف أشكالها، فلا يمكن استثناء أي نشاط اقتصادي من الآثار المترتبة على زيادة نسبة التضخم الاقتصادي.
قياس التضخم الاقتصادي
يُقاس التضخم بطريقتين رئيسيتين، والنتيجة هي نسبة مئوية، وهما كالآتي:
– الطريقة الأولى: يُحسب في هذه الطريقة المعدل العام للأسعار، وذلك بأخذ أسعار لبعض السلع، كالطعام والملابس ومنتجات النفط، وأجهزة كهربائية، وأسعار خدمات كأسعار تكاليف النقل، أو غسيل الملابس، إذ تُحسب القيمة النقدية للحصول على هذه السلع أو الخدمات لكل شهر، ولمدة زمنية معينة قد تمتد إلى ثلاثة أشهر، وبالتالي سيكون حساب الأسعار للسلع والخدمات لمجموعة متنوعة من السلع وليس على سلعة واحدة، فإذا كان التغير في الأسعار بازدياد مجموعة الأسعار ككل، ولنقل التغير زاد بنسبة 0.6%، فهذا يعني بوجود تضخم يعكس هذه النسبة المحسوبة.
– الطريقة الثانية: هذه الطريقة تتبع آلية الطريقة الأولى في حساب نسبة التضخم، ولكن الأسعار فيها لا تؤخذ كأسعار نهائية للمستهلك، وإنما هي الأسعار التي يحددها المنتج الأول للسلع أو الخدمات، كالسلعة التي يضعها مصنع ما لمنتجه لتجار الجملة، وبالتالي هو مؤشر في اتجاة الأسعار نحو الصعود أو الهبوط.
أسباب التضخم الاقتصادي
توجد عدة أسباب تساهم مساهمة كلية أو جزئية في زيادة نسب التضخم، ومن الجدير ذكره بأن هذه الأسباب لا توخذ منفرده، وإنما تتشابك مع بعضها وبالتالي تأثير واحدًا منها قد يكون سببًا في آخر، وهي كالآتي:
– القيمة المرجعية المالية: وهو ارتباط قيمة سلعة ما بقيمة عملة ما، وخير مثال هو ارتباط سعر النفط بالدولار الأمريكي، فإن أي زيادة في سعر النفط سيؤدي إلى انخفاض قيمة العملة القائمة عليه، أو ما يُسمى بالقيمة المرجعية المالية له، وكذلك رجوع قيمة عملة على عملات أخرى مقيمة مرجعية لها، فإن أي انخفاض لقيمة هذه العملة سيرفع الأسعار للسلع والخدمات.
– زيادة الدفقات النقدية: تُغرق بعض الدول السوق بالأوراق النقدية المتداولة، إذ إن هذا التدفق لا يكون متوافقًا مع القيمة المرجعية لهذه الأوراق النقدية، الأمر الذي يقلل من قيمتها ويسبب ارتفاعًا للأسعار.
– زيادة الطلب: والمقصود هنا هو زيادة الطلب على سلعة أو خدمة أكثر من المعروض منها، وبالتالي يزيد من يمتلك هذه السلع أو الخدمات من أسعارها، وليس أمام المستهلك إلا القبول بهذه الأسعار.
– وزيادة الطلب على السلع أو الخدمات قد يُعرى إلى عدة أسباب، أهمها أن التسارع في النمو الاقتصادي الحقيقي أكبر من النمو المتوقع، أو بسبب انخفاض سعر صرف العملة، الأمر الذي يزيد الأسعار.
– زيادة التكاليف: من الطبيعي أن زيادة التكاليف لا سيما تكاليف الإنتاج ستؤدي إلى زيادة الأسعار، إذ تُحمل الشركات المصنعة هذا الارتفاع على المستهلك، للمحافظة على نسبة الأرباح، ويكون سبب هذه الزيادة في التكاليف ناتجًا عن ارتفاع الأجور، أو زيادة في أسعار المواد المستوردة، إذ نجد أن أسعار النفط قد تكون سببًا رئيسيًا في هذه الارتفاع.
– ضعف الرقابة على الأسعار: يحدث في بعض الدول سيطرة فئة من الفاسدين ممن يمتلكون نفوذًا غير مبررة، الأمر الذي ينتج عنه تحكمهم في الأسعار والأسواق، فالكثير من الدول تبيع لتر المشتقات النفطية بالسعر نفسه منذ عدة سنوات، بالرغم من التذبذب الكبير في تكلفة استيراده.