هل يمثل وقود الهيدروجين مستقبل الطاقة؟

من المتوقع أن يؤدي وقود الهيدروجين دوراً رئيسياً في مستقبل الطاقة وأمانها العالمييْن، إذ يجري تطويره بصورة أسرع مما قد يتوقعه الكثيرون، وهي الحقيقة التي فطنت إليها مؤخراً دول العالم التي تسارع إلى توسيع استعمال تلك السلعة الاستراتيجية.

ورغم استعمالاته وتطبيقاته العملية العديدة، تبقى هناك شكوك في استمرار الهيدروجين في دعم التقنيات الجديدة التي تعزز مستهدفات الحياد الكربوني.

وفي ضوء هذا السيناريو، يُنظر إلى وقود الهيدروجين على أنه مكون رئيس في مزيج الطاقة العالمي مستقبلاً، وسط تأكيدات العديد من المنظمات والخبراء العالميين أهمية الدور الذي يضطلع به هذا الوقود في تحول الطاقة، حسبما أورد موقع إنرجي تراكر آسيا.

ووصفت وكالة الطاقة الدولية الهيدروجين بأنه عنصر مهم للغاية في تحقيق أمن الطاقة، ومستهدفات الحياد الكربوني، ما يسلط الضوء على إمكاناته الهائلة في المساعدة على تقليص الانبعاثات الكربونية عبر مختلف الصناعات، بحسب معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ووضع الاتحاد الأوروبي مستهدفات طموحة لإنتاج الهيدروجين، واستعمال تلك السلعة الإستراتيجية في تحقيق أهدافه المناخية الطموحة، تماشيًا مع بنود اتفاقية باريس 2015.

ويُشدد الخبراء على إمكان استعمال الهيدروجين كونه حاملًا أو مُخزناً للطاقة، يمكن إنتاجه من مصادر مختلفة، من بينها الطاقة المتجددة، واستعماله في صناعات عدة بدءًا من النقل وحتى التصنيع.

وبوجه عام، سيؤدي الهيدروجين دورًا حيويًا في تشكيل مستقبل الطاقة.

أربع أسباب تجعل الهيدروجين وقود واعد

يقدم الهيدروجين، لا سيما الأخضر منه، فوائد ومزايا عدة، تجعله مصدر وقود واعدًا للمستقبل، ويمكن تلخيص تلك المزايا في 4 نقاط، هي:

1- الاقتراب من الحياد الكربوني

حيث يعتبر الهيدروجين مصدراً نظيفاً للوقود من حيث محدودية الانبعاثات الناجمة خلال عملية إنتاجه.

ومع ذلك، تعتمد الانبعاثات الناجمة عن الهيدروجين بوجه عام على مصدر الوقود المبدئي المُستعمل لإنتاج الهيدروجين، فإذا ما أُنتج باستعمال الطاقة المتجددة، وليس الغاز الطبيعي، فستكون انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المباشرة منعدمة تقريبًا.

2- تخزين الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة

يؤدي الهيدروجين دوراً حاسماً في التغلب على واحد من التحديات الرئيسة التي تواجه الطاقة المتجددة في الوقت الراهن؛ وهو الطبيعة المتقطعة.

3- وقود كثيف الطاقة

يتمتع الهيدروجين بكثافة طاقة عالية، ما يعني أنه قادر على تخزين كميات كبيرة من الكهرباء وإتاحتها بوزن أقل.

4- القطاعات التي يَصعُب تخلصها من الكربون

بسبب كثافة طاقة الهيدروجين برزت قيمته في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب الوصول فيها إلى الحياد الكربون، إذ إن هناك قطاعات مثل إنتاج الاسمنت والصلب والمواد الكيميائية، تتطلب كهرباء متواصلة لا يمكن للبطاريات إتاحتها نتيجة كثافة الطاقة المحدودة، حيث يستطيع الهيدروجين الأخضر سد هذا الطلب، إلى جانب إمكان استعماله عنصرًا وسيطًا في العديد من العمليات الصناعية.

مستقبل طاقة الهيدروجين

أضحى الهيدروجين الأخضر مُهيّأ تمامًا لتأدية دور محوري في التحول العالمي من الوقود الأحفوري.

وبينما تُدرك الحكومات والصناعات أهمية إزالة الكربون وسرعتها، يُتوقع أن تتنامى الاستثمارات في تطبيق تقنيات الهيدروجين على نطاق واسع، إذ تمضي جهود تحول الطاقة على قدم وساق، مع تبني 26 دولة حول العالم خُططًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وبحلول عام 2050، يتوقع خبراء أن يتراوح الطلب على الهيدروجين من 150 إلى 500 مليون طن متري سنوياً.

ومن شأن هذا أن يقضي على 7 غيغا طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، ما يعادل قرابة 20% من الانبعاثات البشرية العالمية.

(غيغا طن = مليار طن)

خلايا وقود الهيدروجين

بينما سيصبح خفض الانبعاثات واقعاً ملموساً عبر تسهيل استعمال مصادر الطاقة المتجددة والتطبيقات الصناعية، سيجري دمج خلايا وقود الهيدروجين في مشهد الطاقة المستقبلي.

ونتيجة لذلك، تكتسب خلايا وقود الهيدروجين اهتماماً متزايداً، فهي تحول الهيدروجين إلى كهرباء، إذ تُنتِج المياه والحرارة فقط منتجات فرعية، ومن ثم فإن لدى تلك الخلايا القدرة على أن تصبح مصدر طاقة حيادي الكربون.

ومن المتوقع أن يتنامى حجم وأهمية الدور المتخصص الذي تؤديه خلايا وقود الهيدروجين في العقود المقبلة، لا سيما في قطاع الشحن عبر مسافات طويلة وكذلك السفر جواً.

إنتاج الهيدروجين

يمكن أن تُحدِث ثورة الهيدروجين الأخضر تحولاً جذرياً في صناعات عدة، وتمهد الطريق أمام مستقبل منخفض الكربون.

ومع ذلك، يتوقف نجاح تلك الثورة “النظيفة” على الاستثمارات التي يجري ضخها على المدى القريب، من أجل التحول في إنتاج الهيدروجين بعيداً عن الوقود الأحفوري الذي يسيطر الآن على السوق.

تحديات قائمة

رغم الصورة الوردية لمستقبل وقود الهيدروجين، تبقى هناك بعض التحديات التي قد تنسف الآمال العالمية المعقودة على تلك الصناعة المستقبلية، وهي على النحو التالي:

1- التكلفة

ترتفع تكلفة الهيدروجين المتجدد المعروف -أيضًا- بالهيدروجين الأخضر، بل إنها حتى تزيد على مثيلتها الخاصة بمصادر الوقود الأحفوري.

2- مخاطر السلامة

رغم تطوير التقنيات بأقصى قدر من معايير السلامة المرتبطة بالهيدروجين، لا يعني هذا أن المخاطر المتضمنة كافة ستتلاشى فورًا، إذ إن وقود الهيدروجين قابل للاشتعال، ومن سوء الطالع كذلك أنه عديم الرائحة، ما يجعل اكتشاف تسربه أمراً صعباً ما لم تُركب أجهزة استشعار حساسة في الموقع.

3- التكنولوجيا القابلة للتطوير

رغم الأبحاث العالمية التي تُجرى على قدم وساق في هذا المجال، لم تصل التقنيات ذات الصلة بالاستعمال التجاري والصناعي للهيدروجين إلى المستوى المنشود.