من 2 إلى 95%.. قصة كوريا الجنوبية لإعادة تدوير نفايات الطعام
1.3 مليار طن من الطعام يقوم العالم بإهدارها كل عام، في حين أن مليار شخص جائع من سكان الكوكب يمكن أن يتغذى على أقل من ربع الأغذية المهدرة في الولايات المتحدة وأوروبا.
ويرصد تقرير نشره منتدى الاقتصاد العالمي تجربة كوريا الجنوبية في إعادة تدوير أطعمتها المهدرة في غضون السنوات القليلة الماضية.
وفي تقريره الصادر في يناير 2018، حدد منتدى الاقتصاد العالمي هدفاُ لخفض نفايات الأطعمة بما يصل إلى 20 مليون طن كأحد الإجراءات التي يمكن أن تساعد في تحويل النظام العالمي للأغذية بحلول عام 2030.
في الصدارة
وفي الوقت الحالي، تأتي كوريا الجنوبية في صدارة هذه المبادرة بإعادة تدوير نحو 95% من الأطعمة المهدرة لديها.
ولم يكن الأمر هكذا دائماً في كوريا الجنوبية، ففي الغالب لا يتم تناول الأطباق الجانبية المصاحبة لوجبة تقليدية في كوريا الجنوبية والمعروفة باسم “بانشان”، بالكامل، الأمر الذي يسهم في واحدة من أعلى معدلات هدر الطعام في العالم.
ويخلف كل شخص في كوريا الجنوبية أكثر من 130 كيلو جرام من نفايات الأطعمة كل عام.
وبالمقارنة، فإن معدل هدر الطعام لكل فرد في أوربا وأمريكا الشمالية يتراوح بين 95 إلى 115 كيلو جرام سنوياً، طبقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
لكن حكومة كوريا الجنوبية قامت باتخاذ إجراءات جذرية من أجل ضمان أن الكميات الضخمة من الأطعمة المهدرة يتم إعادة تدويرها.
وبالعودة إلى عام 2005، فإن إلقاء الأغذية في صناديق النفايات تم حظره، كما في عام 2013 أدخلت الحكومة إجراءات إجبارية لإعادة تدوير الأغذية المهدرة باستخدام أكياس خاصة قابلة للتحلل الحيوي.
وفي المتوسط، تدفع العائلة المكونة من 4 أشخاص 6 دولارات شهرياً مقابل تلك الأكياس، وهي الرسوم التي تساعد على تشجيع إعداد السماد في المنزل.
وتلبي رسوم الأكياس كذلك نحو 60% من تكلفة تشغيل المخطط، ما زاد من كمية نفايات الطعام الخاضعة لعملية إعادة التدوير من 2% في عام 1995 إلى 95% اليوم.
ووافقت الحكومة على استخدام الأغذية المهدرة المعاد تدويرها كسماد على الرغم من أن البعض منها يصبح علف للحيوان.
صناديق ذكية
ولعبت التكنولوجيا دوراً قيادياً في نجاح المخطط، حيث أنه يوجد 6000 صندوق آلي في العاصمة “سول” مجهز بأدوات القياس وترددات الراديو التي تعمل على قياس وزن نفايات الطعام عند إيداعها والحصول على رسوم من السكان عبر بطاقة هوية.
وساهمت ماكينات الدفع مقابل إعادة التدوير في تقليص الأطعمة المهدرة في عاصمة كوريا الجنوبية بنحو 47 ألف طن في 6 سنوات، وفقاً لمسؤولين بالمدينة.
وتم حث السكان على تقليص وزن النفايات التي يتم وضعها من خلال التخلص من السوائل أولاً.
ولم تؤدي هذه العملية إلى خفض الرسوم التي يتم دفعها فقط، مع العلم أن 80% من الأغذية المهدرة عبارة عن مواد سوائلة، لكنها وفرت كذلك لسول نحو 8.4 مليون دولار من مصاريف التحصيل خلال نفس الفترة.
وتتعرض النفايات المجمعة عبر مخطط الأكياس القابلة للتحلل الحيوي للضغط في مصنع المعالجة لإزالة المواد السائلة (الرطوبة)، والتي اعتاد استخدامها في إنتاج الغاز الحيوي والزيوت الحيوية.
أما النفايات الجافة، فيتم تحويلها إلى سماد وهو ما يساعده بدوره في دفع حركة المزارع الحضرية المزدهرة في البلاد.
المزارع الحضرية
ولقد زاد عدد المزارع الحضرية أو حدائق المجتمع في سول بنحو 6 أمثال خلال السبعة سنوات الماضية.
ويبلغ إجمالي مساحتهم الآن حوالي 170 هيكتار، أو ما يعادل حجم 240 ملعب كرة قدم تقريباً.
ويقع معظم هذه المزارع أو الحدائق بين بلوكات الوحدات السكنية أو في أسطح المدارس والمباني البلدية، كما يقع أحدهم في الطابق السفلي لإحدى المباني السكنية والذي اعتاد استخدامها في زراعة المشروم.
وتوفر حكومة مدينة سول ما يتراوح بين 80 و100% من تكاليف بدء التشغيل وبالإضافة لتقديم الأغذية، فإن أنصار المخطط يقولون إن المزارع الحضرية تجمع الأشخاص معاً، كون المجتمع يشهد عزل السكان عن بعضهم البعض في مناطق.
وتخطط السلطات في المدينة لاستخدام السماد الناتج عن نفايات الطعام من أجل دعم المزارع الحضرية.
وبالعودة إلى “بانشان”، فإنه على المدى الطويل يجادل بعض الأشخاص بأن سكان كوريا الجنوبية سوف يحتاجون إلى تغيير عاداتهم الغذائية إذا كانوا حقاً يسعون لإحداث تأثير في نفايات الطعام الخاصة بهم.
ويقول رئيس حركة صفر نفايات الكورية الجنوبية “كيم مي هوا” في تعليقات مع صحيفة “هوفينجتون بوست”: إن هناك حد أقصى لكمية السماد الناجم عن نفايات الطعام الذي يمكن استخدامه بالفعل.
ويتابع: يعني ذلك أنه يجب أن يكون هناك تغييراً في عاداتنا الغذائية مثل التحول إلى ثقافة الطهي ذات الطبق الواحد مثل الدول الأخرى أو على الأقل خفض كمية البانشان التي يتم إهدارها.